ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"

logo
اقتصاد

رئيس الوزراء التشيكي في صربيا: نحتاج إلى الاستفادة من مواردنا

رئيس الوزراء التشيكي في صربيا: نحتاج إلى الاستفادة من مواردنا
رئيس وزراء التشيك بيتر فيالاالمصدر: رويترز
08 نوفمبر 2024، 5:24 ص

قال رئيس الوزراء التشيكي، بيتر فيالا، في بلغراد، إن التحديات التي تواجه صربيا وجمهورية التشيك هي تحديات مشتركة، وإن كلا البلدين يريدان أن يكونا مستقلين إستراتيجيًا، لذا فهما بحاجة إلى الاستفادة من الموارد التي لديهما.

وفي حديثه خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، قال فيالا إن صربيا وجمهورية التشيك لديهما احتياطيات ضخمة من الليثيوم، وإنه يريد أن يراها مستخدمة لإنشاء "ثقافة  التوريد".

وأوضح أن التشيك تتطلع إلى تقليل اعتمادها على روسيا في مجال الطاقة، وأنها تعمل على تطوير الطاقة النووية، وهي بصدد الانتهاء من عقد مع الفائز بالمناقصة لبناء قدرات نووية جديدة.

وقال فيالا إن صربيا تواجه نفس التحديات وتتعامل مع انتقالها في مجال الطاقة بطريقة مماثلة، وتبحث عن حلول، مضيفًا أن هذا مسار يتطلب الشجاعة، وأن جمهورية التشيك كإحدى دول الاتحاد الأوروبي ستسعى جاهدة لتقصير طريق صربيا إلى عضوية الاتحاد.

وأكد فيالا أن دول البلقان لا ينبغي أن تبقى على عتبة الاتحاد الأوروبي، وأن بلاده ستدعم بقوة انضمام صربيا للاتحاد.

أزمة تعدين الليثيوم 

ويعتبر  السعي للحصول على ما يسمى بـ"الذهب الأبيض"، الليثيوم، أمرًا حاسمًا في صربيا لثورة الطاقة الخضراء، والذي يزعج صربيا سعي القوى العظمى العالمية إلى استغلال موارد الأمة.

ويعتبر الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، أحد القادة القلائل الذين يتمتعون بدعم قوي من جميع القوى العالمية الكبرى، ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا.

ومن هذا المنطلق، يشعر فوتشيتش بالثقة الكافية لتنفيذ مشاريع مختلفة مثيرة للجدل في صربيا، بما في ذلك طموح ألمانيا لبدء استغلال الليثيوم المتواجد في تلك الدولة الواقعة في جنوب شرق أوروبا.

سلسلة من الصفقات

ففي 19 يوليو/تموز الماضي، أبرم المستشار الألماني أولاف شولتس، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس شيفتشوفيتش، سلسلة من الصفقات التي تمنح الاتحاد الأوروبي حق الوصول الحصري لتعدين الليثيوم الصربي، وهو معدن مطلوب بشدة بسبب دوره الحاسم في التحول إلى الطاقة الخضراء، خاصة للاستخدام في البطاريات التي تعمل على تشغيل المركبات الكهربائية.

ومن المتوقع أن تفتتح شركة التعدين البريطانية-الأسترالية العملاقة "ريو تينتو" (التي تعد شركة ألمنيوم الصين المحدودة مساهمًا مهمًا فيها)، أكبر منجم لليثيوم في أوروبا في غربي صربيا، وأن تبدأ باستغلال المعدن في وقت مبكر من عام 2028.

لكن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر أن 55٪ من سكان صربيا يعارضون الفكرة بشدة، بينما يؤيدها 25٪ فقط. 

ولهذا السبب، نُظمت سلسلة من الاحتجاجات في جميع أنحاء صربيا خلال شهر يوليو/تموز الماضي، بما في ذلك تجمع كبير في العاصمة بلغراد في 10 أغسطس/آب الماضي.

وفي أعقاب الاحتجاجات، سار الناشطون البيئيون نحو محطتي السكك الحديدية الرئيستين في العاصمة الصربية، متعهدين بمنع حركة القطارات حتى تتم تلبية مطالبهم بحظر تعدين الليثيوم رسميًا.
 
لكن، من غير المرجح أن يتراجع زعيم صربيا الشعبوي، لأنه يشعر بدعم قوي من القوى الأجنبية العاملة في الدولة الواقعة في جنوب شرق أوروبا.

ويزعم السفير البريطاني في صربيا أنه "من الممكن تمامًا استخراج الليثيوم بطريقة آمنة بيئيًا".

 في حين قالت السفيرة الألمانية، أنكه كونراد، مؤخرًا، إن الليثيوم "ضروري ومهم لألمانيا"، وإن هذه المادة الخام يجب أن تكون متوفرة.

 كما أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، قبل يوم واحد من الاحتجاج الكبير في بلغراد، أن "بعض القوى الخبيثة تحاول تفعيل ترسانتها المدمرة المعروفة بهدف تقويض الوضع السياسي الداخلي في صربيا".

وبهذا التصريح قدم الكرملين مرة أخرى، دعمه لفوتشيتش بشكل غير مباشر، رغم حقيقة أن حكومته صدرت أسلحة بقيمة 800 مليار يورو (874 مليون دولار) إلى أوكرانيا عبر أطراف ثالثة. 

من جانبها، تظل الصين صامتة بشأن مسألة الليثيوم، رغم أن شركة التعدين العملاقة "زيجين كوبر" تدير مناجم النحاس والذهب في شرق صربيا منذ عام 2018.

وعلى مر السنين، اتهم المنتقدون الحكومة الصربية بغض الطرف عن التأثير البيئي لتلك المناجم، ولهذا السبب تخشى أجزاء كبيرة من السكان الصرب أن تلوث شركة "ريو تينتو"، التي لديها تاريخ من التلويث البيئي، الأرض والمياه في غرب صربيا.

ولكن، بما أن فوتشيتش يستطيع أن يعتمد على الدعم الأجنبي، فإن فرص منع "ريو تينتو" من استغلال الليثيوم الصربي تظل منخفضة للغاية.

ومع ذلك، فإن حقيقة أن السفير الأمريكي لدى صربيا، ريتشارد هيل، قال إن واشنطن "ليس لديها موقف رسمي بشأن هذه القضية"، مشيرًا إلى أن "القرار متروك للصرب، وليس للدبلوماسيين الأجانب لاتخاذ القرارات نيابة عنهم"، تمنح الناشطين البيئيين شعاعًا من الأمل.

ويبقى أن نرى كيف تنظر الولايات المتحدة حقًا إلى خطط ألمانيا لاستخدام الليثيوم الصربي لتطوير صناعة المركبات الكهربائية.

ففي حين يبقى موقف السفير هيل محايدًا نسبيًا، يدعم مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون موارد الطاقة، جيفري بيات، علنًا مشروع "ريو تينتو"، مدعيًا أنه "أولوية للاتحاد الأوروبي"، وأنه يمثل "فرصة لصربيا"، إلا أن معارضين تعدين الليثيوم في صربيا يصرون على أن بلغراد لن تكسب سوى 31 مليون يورو (33.8 مليون دولار)، حيث تفرض البلاد رسوم إيجار منخفضة للغاية للتعدين، تبلغ 3% من العائدات.

 من ناحية أخرى، يزعم فوتشيتش أن الليثيوم "أداة لتقدم صربيا"، وأن الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة، حيث ستستغل شركة "ريو تينتو" المعدن، "لن يعرفوا ماذا يفعلون بالأموال" التي سيكسبونها من العمل لصالح الشركة المتعددة الجنسيات.

ومن المتوقع أن ينتج المنجم في غرب صربيا 58 ألف طن من الليثيوم سنويًا، ما يعادل 17% من إنتاج السيارات الكهربائية الأوروبية، أو 1.1 مليون سيارة.

لكن المشكلة هي أن استخراج الليثيوم غالبًا ما ينطوي على استخدام مكثف للمياه في عمليات التعدين والاستخراج، مما قد يؤثر على موارد المياه المحلية.

وهناك قضية أخرى، هي أن استخراج الليثيوم ومعالجته يتطلبان قدرًا كبيرًا من الطاقة، فهل يكون هذا السبب من وراء تخطيط بلغراد لشراء مفاعلات نووية صغيرة من المنتجين الغربيين؟ 

"مستعمرة تعدين"

من منظور جيوسياسي، فإنه من المؤكد أن عمليات شركة "ريو تينتو" في صربيا ستعزز النفوذ الغربي في البلاد.

ومع ذلك، لا يعني هذا أن صربيا، التي تأمل في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ستنضم إلى الكتلة المكونة من 27 دولة في أي وقت قريب، إن كان ذلك ممكنًا على الإطلاق.

وإذا كان لاستخراج الليثيوم تأثيرات بيئية سلبية حقًا، فيمكن لبروكسيل دائمًا أن تقول إن بلغراد لا تتبع السياسة البيئية الأوروبية، وبالتالي لا يمكنها أن تصبح عضوًا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي.
 
لكن هذا آخر ما يقلق الناشطين البيئيين، وكذلك الأشخاص الذين يعارضون أجندة "ريو تينتو" في صربيا.

ووفقًا للتقارير، فإن بلغراد تخطط لفتح عشرات المناجم في جميع أنحاء البلاد، وإن البوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية المجاورتين، قد تواجهان نفس المصير، لهذا السبب هناك مخاوف متزايدة في المنطقة من أن هذا الجزء من أوروبا قد يصبح قريبًا "مستعمرة تعدين" للاتحاد الأوروبي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC