logo
اقتصاد

بعد رسوم ترامب.. الانفتاح التجاري الأمريكي العراقي "على المحك"

بعد رسوم ترامب.. الانفتاح التجاري الأمريكي العراقي "على المحك"
عامل في منشاة نفطية عراقيةالمصدر: رويترز
11 أبريل 2025، 1:18 م

أثارت حزمة قرارات جمركية جديدة أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مخاوف من تأثيرات سلبية محتملة على صادرات العراق النفطية، فيما جاء ذلك في الوقت الذي تلوح فيه مؤشرات على تنامي التعاون التجاري بين العراق والولايات المتحدة.

ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الإجراءات قد تُفضي إلى خسائر متبادلة للطرفين، لا سيما إذا ما تمسّكت واشنطن بسياسات قد تقيّد تدفّق النفط العراقي إلى الأسواق الأميركية؛ ما قد يُلقي بظلاله على مسار التعاون الثنائي بين البلدين في المرحلة المقبلة.

ويزور بغداد منذ يومين وفد أمريكي يضم ممثلين عن أكثر من 60 شركة في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والصحة، في زيارة وُصفت بأنها الأكبر في تاريخ العلاقات التجارية بين البلدين، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى توسيع حضورها في السوق العراقية عبر الاستثمار في مشاريع استراتيجية، وتوقيع مذكرات تفاهم مع القطاع الخاص المحلي.

وعقد الوفد الأمريكي سلسلة لقاءات مع مسؤولين حكوميين وممثلين عن القطاع الخاص، شملت مناقشة فرص الاستثمار وآليات تذليل العقبات أمام دخول الشركات الأمريكية إلى السوق العراقية.

كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين غرفة التجارة الأمريكية واتحاد غرف التجارة العراقية، في خطوة تهدف إلى توسيع قاعدة الشراكات الاقتصادية بين الجانبين.

بيئة مستعدة للاستثمار

وقال عضو غرفة التجارة العراقية علي الذهبي، إن "الشراكات مع الشركات الأمريكية تمثل فرصة محورية لإحداث نقلة نوعية في هيكل الاقتصاد العراقي، خصوصًا في ظل تراجع مساهمة القطاعات غير النفطية، واعتماد الدولة شبه الكلي على الإيرادات النفطية".

وأضاف الذهبي لـ"إرم نيوز"، أن "العراق لا يحتاج فقط إلى استثمارات مالية، بل إلى خبرات عالمية قادرة على إدخال التكنولوجيا في العمليات الإنتاجية، وتحويل الاقتصاد من ريعي استهلاكي إلى صناعي إنتاجي، وهو ما يمكن أن يتحقق عبر شراكات طويلة الأمد مع مؤسسات أمريكية تمتلك أدوات التأهيل والتطوير".

وأشار إلى أن "البيئة العراقية باتت أكثر استعدادًا لجذب الاستثمارات، لكن ذلك يتطلب استقرارًا في القوانين وتوفير ضمانات سيادية، حتى لا تتحول الفرص إلى مشاريع مؤجلة أو متعثرة كما حصل سابقًا".

ورغم التفاؤل بإمكانية بناء شراكات استراتيجية بين بغداد وواشنطن، إلا أن خبراء حذروا من أن فرض الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية جديدة قد يُعقد من مسار هذا التعاون، ويُربك آفاق الانفتاح الاقتصادي بين الجانبين، خصوصًا في ظل حساسية السوق العراقية تجاه أي تراجع في الطلب العالمي على النفط أو تغيّر في سياسات التجارة الدولية.

تهديد مباشر

تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه العالم توترات اقتصادية متصاعدة، بعد إعلان الإدارة الأمريكية فرض رسوم جمركية جديدة على واردات من عدة دول، وهو ما يُنذر بتراجع النشاط التجاري العالمي، وانكماش في الطلب على المواد الأولية، وعلى رأسها النفط.

بدوره، قال المستشار الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني إن "قرارات الرسوم الجمركية التي أطلقتها الإدارة الأمريكية قد تفتح الباب أمام موجة من الركود الاقتصادي العالمي؛ ما سيؤدي إلى تراجع الطلب على النفط وانخفاض أسعاره، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للعراق الذي تعتمد موازنته بنسبة تفوق 90% على الصادرات النفطية".

وأوضح المشهداني لـ"إرم نيوز" أن "العراق لا يملك تبادلًا تجاريًا كبيرًا مع الولايات المتحدة خارج قطاع النفط، لكن أي رسوم تفرض على النفط العراقي ستنعكس بارتفاع الأسعار داخل السوق الأمريكية؛ ما يدفع واشنطن للبحث عن بدائل أرخص، ويهدد بخسارة العراق لسوق مهمة من أسواق تصديره".

أبعاد سياسية

وبحسب بيانات وزارة النفط العراقية، فإن صادرات العراق إلى الولايات المتحدة تتراوح بين 250 إلى 450 ألف برميل يوميًا، ضمن معدل تصدير يومي إجمالي يتجاوز 3.3 ملايين برميل.

وتشير بيانات التجارة الأمريكية إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يتجاوز 8 مليارات دولار سنويًا، وهو رقم يُعد متواضعًا مقارنة بحجم واردات العراق التي تتخطى 70 مليار دولار من دول متعددة.

وتنظر أوساط عراقية، لا سيما القريبة من الميليشيات المسلحة، إلى الانفتاح الحكومي على الشركات الأمريكية بعين الريبة، معتبرة أن تعزيز الحضور الاقتصادي الأمريكي قد يحمل أبعادًا سياسية أو أمنية غير معلنة، وهو ما يثير مخاوف من أن يتحول التعاون التجاري إلى بوابة لنفوذ أوسع داخل مفاصل الدولة.

وفي المقابل، ترى أطراف أخرى أن العراق بحاجة ماسة إلى هذه الاستثمارات لتأمين فرص العمل وتحديث البنية الاقتصادية المتهالكة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC