logo
اقتصاد

"الفريلانسرز".. رواتب متدنية و"استغلال" للشباب العربي

"الفريلانسرز".. رواتب متدنية و"استغلال" للشباب العربي
العمل عن بعدالمصدر: متداولة
24 نوفمبر 2024، 4:51 ص

كان الإعلان جيدًا بالنسبة لـ"قصي"، خريج الأدب الإنجليزي الباحث عن عمل، فلم يتردد في استدانة 20 دولارًا، وتحويلها للوسيط الذي سيوصله بشركة جمع البيانات، ليكتشف لاحقًا أن مدخوله لن يتجاوز 10 دولارات شهريًّا، إلا بشق الأنفس.

الأمر نفسه حدث مع "معين"، الذي صمم 5 إعلانات لإحدى الشركات، لكنه لم يقبض سوى أجرة عملين فقط! فاضطر لترك العمل بعد أن حمّله الموقع الوسيط المسؤولية، لأنه لم يشترط على صاحب العمل إيداع المبلغ لدى الموقع قبل تسليمه الإعلانات.

ضحايا "الفريلانسر" العربي يتزايدون، فقد أصبح هناك وسطاء للوسطاء، كما نشأت مواقع تقدم فرص عمل "بالقطعة" مقابل نسبة تصل إلى 20%. أما المبتدئون، فقد كانت خسارتهم كبيرة عندما دفعوا للوسيط ولم يحصلوا على حقهم من صاحب العمل.

وغالبًا ما تشير صفة "فريلانسر" إلى الراتب القليل الذي يحصل عليه الشاب، خاصة إذا كان من الدول العربية الفقيرة، حيث يتعرض الشباب لاستغلال من الشركات بسبب  البطالة في بلدانهم، التي تجعل أصحاب الأعمال واثقين من أنهم سيقبلون بأقل الأجور.

لا يتفاجأ المتابع عند معرفة أن ما يقبضه أحد الشباب لا يتجاوز 100 دولار في الشهر مقابل التفرغ الكامل والبقاء جاهزًا على الإنترنت لإجراء التعديلات وتنفيذ الطلبات الجديدة، فواقع "الفريلانسر" مليء بالكثير من الغبن.

هل أجبرنا على المرِّ.. الأمرُّ؟

يقول الباحث الاقتصادي الدكتور علي كنعان، إن ظاهرة العمل بطريقة الفريلانسر، ذات الأجر الزهيد والمليئة بعمليات النصب، هي دليل على البطالة المقنعة المنتشرة في البلدان العربية.

ويضيف لـ"إرم نيوز": "يضطر الكثير من الشباب العربي للقبول بالشروط المجحفة في العمل كفريلانسر، على أمل تحسن الوضع في المستقبل، لكن للأسف، غالبًا ما تكون الخسائر أكبر بكثير من العائدات المالية التي يحصل عليها الشاب".

وتقول المصممة "مروة": "لقد تحول مجال الفريلانسر إلى بازار"، بعدما تعرضت للغبن والاستغلال من قبل الشركة التي عملت لديها. فبالإضافة إلى التأخير في دفع المستحقات لعدة أشهر، تعمد بعض الشركات تبديل العاملين كل فترة لتجنب دفع المستحقات كاملة.

وتضيف مروة: "عملت لمدة ثلاثة أشهر بعد أن اتفقنا شفهيًّا على الأجر، لكنهم قالوا إنها فترة تدريب واختبار لا أجر لها. اضطررت للقبول، لكنهم لم يلتزموا بإرسال المستحقات شهريًّا، وعندما تركت العمل بسبب الاستغلال، قاموا بأكل أجرتي لعدة أشهر أيضًا!" وتتنهد مروة بأسى، مضيفة: "أجبرَنا على قبول المرّ، ما هو أمرّ منه!".

العمل عن بعد

اتفاقات عمل دولية تحمي الحقوق!

يقول الباحث الاقتصادي الدكتور علي كنعان إن هذا النوع من العمل عن بُعد، بنظام الفريلانسر، يخضع لقوانين ومعاهدات بين الدول. ويفترض أن يتم الاتفاق بين الشاب وصاحب العمل بتوقيع عقد يضمن الحقوق.

وتابع قائلًا: "هذه مسؤولية وزارات العمل في البلدان العربية، فهي المعنية بتلقي الشكاوى وتحصيل حقوق الشباب إذا حدث أي إشكال، لكن ذلك لا يحدث للأسف".

من الوجهة الأخلاقية، يؤكد كنعان وجود كارثة في بعض الشركات العربية والأجنبية التي تمتلك أعمالًا في الخارج، حيث يتم استغلال أبناء بلدهم برواتب ضعيفة وشروط عمل مجحفة.

أخبار ذات علاقة

413399af-8121-45ab-8271-beb54407a347

هل تزيد الإنتاجية عند العمل عن بعد؟

 وتؤكد مروة أنها لم تعد تتعامل مع مواقع الفريلانسر الوسيطة بعدما تعرضت للاستغلال وهضم الحقوق. فقد أصبحت تُصر على التواصل مباشرة مع الشركات الأم صاحبة العمل، وتحرص على أن تكون تلك الشركات معروفة ولها سمعة نظيفة.

تضطر شريحة كبيرة من الشباب العربي لتحمل خسارات كبيرة على صعيد الأجور، والوقت المهدور، والجهد المبذول، مقابل مردود لا يغني ولا يثمر. "رضينا بالبين.. والبين ما رضي فينا"، تقول مروة، وتوجِّه نداءً للشباب العربي ألا يقبلوا بهذا النوع من العمل.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC