ربط المنازل بالغاز الطبيعي في دول عربية يهدد مصانع التعبئة فيها

بدأ عدد من كبار مستثمري صناعة الغاز المعبأ في بعض الدول العربية البحث عن فرص استثمارية جديدة في أفريقيا لإقامة مصانع في القارة السمراء.

ويهدف هذه التوجه لإنعاش مبيعات مصانعهم التي تأثرت سلبا بسرعة ربط المنازل بالغاز الطبيعي.

وعزت الدول العربية التي تشهد وفرة في الإنتاج، وبالتحديد مصر، والجزائر، والسعودية، أسباب زيادة ربط المنازل بالغاز الطبيعي إلى الاستفادة من كمية الهدر الناتجة عن تعبئة أسطوانات الغاز وتوجيهها للتصدير، بجانب ضبط استهلاك الغاز بالتزامن مع تقلبات أسواق الطاقة العالمية، وفق وكالة "بلومبرغ" الأمريكية.

وتستحوذ 5 دول عربية على حصة 83.2% من إجمالي إنتاج الدول العربية من الغاز الطبيعي خلال 2020.

وتحتل قطر المركز الأول باستحواذها على 29% من إجمالي الكمية، تليها السعودية بـ 17.8%، ثم الجزائر في المركز الثالث بنسبة 14.7% .

وفي المركز الخامس تقتنص مصر حصة تقدر بـ9%، وفقا بيانات صادرة عن "بي بي"، في حزيران/يونيو 2020.

وقال مستثمرون ومعنيون بالقطاع في حديثهم لـ"إرم نيوز"، إن "بعضا من دول أفريقيا تسعى إلى الاعتماد على الطاقة النظيفة في الاستخدامات المنزلية، بدلا من الفحم الذي تسبب في تدمير آلاف الكيلومترات من الغابات الشجرية".

وأضافوا أن "تلك الدول تسعى إلى تصديرها في صورة خشب لارتفاع العائد المادي بدلا من حرقها".

تراجع الصناعة

وأوضح رجل الأعمال المصري، ورئيس مجموعة سعد الدين للغازات، محمد سعدالدين، إن "المستثمرين في صناعة الغاز المعبأ، لم يحققوا أى تطور يذكر خلال الـ5 سنوات الماضية في مصر بسبب توسيع دائرة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل عن طريق شبكة إمداد رئيسية تابعة للدولة".

وأضاف سعدالدين لـ "إرم نيوز"، أن "تعبئة وتوزيع أسطوانات الغاز تكون رائجة بشكل كبير في الدول التي تفتقد بنيتها التحتية لشبكة الغاز الطبيعي؛ لذلك بدأت المجموعة أولى خطواتها خارج مصر بإقامة مصنع في ذات الغرض بدولة أوغندا".

وحول أسباب اختياره دولة أوغندا؛ قال إن "زيادة العدد السكاني، وموقعها الجغرافي المميز قد يجعل منها مركزا لتصدير أسطوانات الغاز إلى الدول المجاورة".

وتابع: "المجموعة وقعت مذكرة تفاهم مع وزارة الطاقة والتنمية بأوغندا، لإنشاء المصنع، وسيتم تخصيص المساحة المطلوبة نهاية العام الجاري، على أن يبدأ التشغيل والإنتاج خلال العام 2023".

وتمكنت مصر من تحقيق وفرا بلغ 234 مليون أسطوانة غاز سنويا، بعد توصيل الغاز الطبيعي لحوالي 13 مليون وحدة سكنية منذ بدء النشاط وحتى نهاية كانون الثاني/ يناير 2022، بحسب وزير البترول المصري طارق الملا.

زيادة تكاليف التصدير

من جانبه، قال الخبير الجزائري في شؤون الطاقة، بوزيان الراعي، إن "أسطوانات الغاز في الجزائر باتت ضربا من الماضي؛ نظرا لوفرة الغاز الطبيعي وشبكة ربط المنازل القوية".

وقدّر الراعي في حديثه لـ "إرم نيوز" أعداد مصانع أسطوانات الغاز، قائلا: "يعمل ما يقرب من 5 مصانع في البلاد، بنسبة لا تتجاوز 50% من الطاقة الإنتاجية حاليا؛ بسبب تغيرات معادلة الطلب".

ويقدر عدد مشتركي الشركة الوطنية للكهرباء والغاز في الجزائر، بنحو 11 مليون مشترك من الكهرباء و7 ملايين مشترك من الغاز، وفق وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب.

وحول فرص الاستثمار في قطاع أسطوانات الغاز، اعتبر الراعي أن" الاستثمار بغرض التسويق في السوق المحلي غير محفز".

وأضاف: "أما بغرض تصدير الاسطوانات إلى دول الجوار قد يكون ممكنًا، لكن ارتفاع تكاليف النقل قد يرفع سعر الأسطوانة بشكل مبالغ لا يتحمل المستهلك الأجنبي شراءها".

في السياق ذاته، اختار رئيس شركة سوبريم القابضة ومجلس الأعمال المصري القطري سابقا، محرم هلال، دولة تنزانيا لإقامة 3 مصانع متخصصة في تصنيع وتعبئة أسطوانات الغاز.

واعتبر هلال في حديثه لـ "إرم نيوز" أن "سبب اختياره للاستثمار في دولة تنزانيا يرجع إلى كثرة العشوائيات، وعدم وجود شبكات غاز طبيعي في أغلب مدنها؛ وبالتالي فإن زيادة المبيعات مضمونة بنسب كبيرة".

ولفت إلى أن "عددا من مستثمري صناعة الغاز المعبأ، غيّر نشاطه من تعبئة أسطوانات الغاز إلى تصنيع الأسطوانات الفارغة لبيعها في الأسواق الخارجية حتى لا يتوقف نشاطه".

بدوره، توقع المحلل العراقي في شؤون الطاقة وضاح الطه، أن "تختفي أسطوانات الغاز من منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة، وذلك بدعم من إمدادات خطوط الغاز بين الدول من جهة، وسعي كل دولة لإنشاء محطات إسالة لتزويد المنازل والمصانع بالغاز الطبيعي".

واعتبر الطه في تصريح لـ "إرم نيوز" أن "توجه استثمارات هذا القطاع نحو أفريقيا لا يعني الخروج من الدول التي يتواجد فيها، لكن يفسر بأنه توسع استثماري لزيادة المبيعات وتلبية احتياجات الدول من أسطوانات الغاز".