سادت حالة من الحزن الشديد الأوساط الثقافية المصرية إثر رحيل الأديب محمد يوسف الغرباوي، بعد مسيرة قصيرة زمنياً، لكنها غنية ومتميزة ببصمة مختلفة في الإبداع الروائي.
ومن المفارقات اللافتة في تجربة الغرباوي أنه لم يتجه إلى الكتابة الروائية باحتراف إلا بعد بلوغه سن التقاعد وانتهاء مهامه مديرَ مصرف، فقد تفرغ للإبداع مستنداً إلى خبراته الحياتية، وما شهدته حياته من وقائع ونماذج إنسانية، فضلاً عن موهبته الفطرية في السرد.
تميزت أعماله بحس صوفي يمزج بين الأساطير والوقائع التاريخية، في نبرة هادئة تعكس تعاطفاً عميقاً مع الإنسان ومصيره وحيرته وأزماته، إلى جانب رسم مشوق للشخصيات والأجواء التي تميل إلى الحكمة والتحليل النفسي.
من أبرز أعماله روايتا "متاهة العابد" و"ما حدث في بيت الكفراوي".
وصدرت مجموعته القصصية الأولى عام 2018 بعنوان "ظل بلا إنسان"، التي كشفت عن نضج فني وعمق رؤية إنسانية، حتى اعتبرها النقاد كأنها العمل العاشر له.
صدر آخر أعماله بعنوان "ثلاث جنازات"، وتدور أحداثها حول ثلاث شخصيات متوفاة تجتمع في مكان واحد بشكل متخيل خلال مراسم جنازاتها، لتروي كل شخصية موجز حياتها وما شابها من مفارقات وتناقضات.
وصُنفت الرواية كعمل اجتماعي نفسي بصبغة فلسفية، تحلل النفس البشرية في أضعف لحظاتها، وقال عنها النقاد إنها تعرض "حيوات تروى على عجل قبل أن يغلق الكفن"، معتمدة على بساطة السرد بعيداً عن التعقيدات اللغوية، في أجواء مؤثرة إنسانياً.
