تعدّ الموسيقى التصويرية، من أهم الركائز التي يبنى عليها المشهد السينمائي، فدونها يكون المشهد فاقدًا للحاضنة التعبيرية للسينما وبالتالي ينشكف ويصير دون سند حقيقي، أيًّا كانت قدرات الممثلين، وقوة السيناريو.
وتتمكن الموسيقى المصاحبة للمشهد بالإضافة للمؤثرات الصوتية الأخرى من رفع درجة التأثير العاطفي له، وهو ما يمنح المشهد القدرة على التحليق بالإنسان.
تلك الموسيقى التي اعتبرت هي الحوار في عصر السينما الصامتة، وهي الترجمة للغة غير المفهومة المنبثقة من نظرات وحركات وسكون الممثلين.
ويقول الأديب فيكتور هوجو في هذا الإطار إن "الموسيقى تعبّر عما لا يمكنك قوله، ولا تستطيع السكوت عنه".
فباستطاعة الموسيقى التصويرية أن تجلب المشهد للحياة، بل وأن تغيرها، تغير من قدرة المشهد على التأثير، وتصنع عاطفة مختلفة تمامًا.
وبعد الانتهاء من مشاهدة أي فيلم، فإن الموسيقى هي التي تعلق في ذهن الإنسان على المدى البعيد، بالإضافة إلى بعض المشاهد من الفيلم.
وهنا بعض الأفلام السينمائية التي أسهمت الموسيقى التصويرية المرافقة لأحداثها في تخليدها في الذاكرة، واعتبرت رموزًا لها:
1.موسيقى فيلم "Godfather"
تعتبر من أشهر القطع الموسيقية التصويرية منذ نشأة السينما العالمية، وانطلقت بتعبيراتها الهادئة عبر الكمنجات والإيقاع البطيء لتصنع رابطًا غريبًا مع الروح الإنسانية، واقتبستها السينما العربية في عدة أفلام.
وأُنتج الفيلم الأمريكي عام 1972، وهو فيلم جريمة أمريكي أخرجه فرانسيس فورد كوبولا وقام ببطولته برناندو آلباتشينو، وقد ألف موسيقى الفيلم الموسيقار "نينو روتا".
ولا تزال أغنية "speak spftly love"، تتردد في أذهان الإنسانية وتحاكي العاطفة والروح صانعة مع الذاكرة أجمل اللحظات.
2.موسيقى فيلم "شمس الزناتي"
وهي موسيقى ألفها الموسيقار المصري هاني شنودة، وترجمتها الكمنجات وآلات النفخ والإيقاعات المختلفة لتكون من أعظم المؤلفات التصويرية العربية خلال عقود مختلفة.
فمنذ انطلاق الفيلم عام 1991، اشتهرت الموسيقى بين الجمهور العربي لتكون دلالة على خلود الفيلم المصري في الأذهان.
وقد أضافت موسيقى هاني شنودة للمشاهد التصويرية للفيلم وقتها، وأكسبتها المزيد من التأثير والعاطفة.
الفيلم من إخراج المصري سمير سيف ومن بطولة عادل إمام ومحمود حميدة وسوسن بدر، وتم اقتباس قصة الفيلم من الفيلم العالمي "السبعة الرائعون" المعروض عام 1960.
وكتب السيناريو والحوار للفيلم مجدي هداية.
3.موسيقى فيلم "تايتانيك"
ويمكن اعتبارها من أشهر مؤلفات القرن الماضي، بما حملته من حضور في الوعي الإنساني، إذ أسهمت في إضفاء مشاعر الحزن والعاطفة على سيناريو قصة العمل.
كما وخلدت علاقة حب بين اثنين من أشهر الممثلين وهما ليوناردو دي كابريو وكيت وينسليت.
والفيلم الكارثي، سرد أجمل قصص الحب وأكثرها عطاءً وأكثرها حزنًا في مشاهد درامية مؤثرة للمخرج والكاتب جيمس كاميرون، وموسيقى "قلبي سيستمر" من تأليف الموسيقار جيمس هورنر.
ومنذ صدور الفيلم الأمريكي عام 1997، ظل الفيلم يحقق أعلى المشاهدات على المنصات العالمية، وتبقى الموسيقى الخاصة به، بطريقة العزف وآلات النفخ المترجمة للحن، أيقونة في عالم الموسيقى، بما تحمله من امتداد في النفس البشرية، وبما تحمله من حوار ذاتي حول طبيعة العالم في محاكاة القلب، وطريقة فهم الإنسان للحب.
واعتبر الفيلم وقتذاك صيحة في عالم السينما باستخدامه تقنية ثلاثي الأبعاد.
4.موسيقى فيلم "الآخر"
وهي موسيقى عاطفية حزينة اعتمدت في لُبّها على الكمنجات وآلة القانون والإيقاعات المتنوعة حسب اللحن.
وقام مؤلفها يحيى الموجي بتقديم مساحة عاطفية شديدة الخصوصية، مزامنًا أحداث القصة العاطفية الحزينة بين البطل آدم وجسّده هاني سلامة، والبطلة حنان وجسدتها حنان ترك.
وقد غلّفت الموسيقى عاطفة الممثلين بالمزيد من التأثير والتعبير، إلى أن اختتم الفيلم بأغنية "آدم وحنان" التي غنتها الفنانة السورية ماجدة الرومي.
واعتبرت الأغنية بما حققته من شهرة، من أبرز العلامات التي عبرت عن الفيلم بما حاكته من علاقة مميزة مع الجمهور.
وقد تميز الموجي باعتماده الإيقاعات المختلفة مواكبة للصعود والهبوط في السيناريو، ووسائل الحركة والبطء خلال العمل، الذي أخرجه المخرج المصري الشهير يوسف شاهين.
والفيلم تم إنتاجه في فرنسا عام 1999، وكانت النجمة حنان ترك في بداية مشوارها السينمائي، وحققت شهرة واسعة من خلاله.
5.موسيقى فيلم Pulp Fiction "خيال رخيص"
وهي موسيقى حركية عبر آلات النفخ، تقوم على إيقاع روك سريع، وتتميز بإعطاء مساحة من الكوميديا والضحك خلال المشاهد، خلال فيلم الجريمة والدراما الأمريكي الصادر عام 1994.
وقدم المخرج "كوينتن تورينتينو" بالتشارك كتابةً مع "روحير أفاردي"، خلطة سحرية من هذا النوع السينمائي، عبر سيناريو الجريمة المنظمة.
واشتهرت موسيقى الفيلم المُعدة من المؤلف الموسيقي "نيل تورندو" عبر رقصات مختلفة خلال العرض، وجاء من أشهرها رقصة "فنست فيجا" و"ميا لاوس" في مطعم "جاك رايت سلمز".
وحققت هذه الموسيقى شهرة واسعة، وراجت الرقصة "ترند" بين الجمهور وقت صدور الفيلم.
واعتمدت الموسيقى التصويرية لهذا الفيلم على التنوع ما بين الهدوء والحركة، خلال تتباع المشاهد.
وحققت صورة جديدة لفيلم الجريمة عبر الموسيقى المخففة للتوتر والموحية بالمرح والسخرية خلال الأحداث.
6.موسيقى فيلم "أبو علي"
وهي موسيقى شهيرة في الوسط العربي، والشرق الأوسط، وجاءت هويتها طاغية كمكون أساس أسهم في نجاح فيلم أبو علي للمخرج أحمد نادر جلال.
وتم إصدار فيلم أبو علي عام 2005، لينال وموسيقاه مكانة خاصة لدى الجمهور.
الموسيقى التي تميزت بالهدوء الحزين في مطلعها، ومن ثم تدرجت إلى النظم الإيقاعي الحركي من خلال الإيقاع المقلوب والكمنجات وآلات النفخ كالكَوَلة.
وأسهم التقديم الشعوري للحن في تعزيز حضور النجم كريم عبد العزيز والنجمة منى زكي خلال المشاهد المشتركة بينهما.
كما وأعطت موسيقى عمرو إسماعيل صورة عن شكل السيناريو وتموجاته ما بين التسارع والتباطؤ مقدمًا معرفة ذكية من مؤلف الموسيقى لمواطن العمل السينمائي، والشخصيات.